في المديح والفخر والاعتذار والهجاء والوشاية، وأمثلتها كثيرة الدوران في كتب الأدب والبيان.
وقد يكون المعنى مما لم تتداوله الأفكار، وليس من البعيد أن يلاقيه المخاطب بالتعجب الذي هو مطية الإنكار، ليجيء التخييل عقب هذا لإزالة التعجب منه، وبيان أن وقوعه داخل في حوزة الإمكان، وهذا كما يقول أبو تمام الأندلسي:
لا يفخر السيفُ والأقلامُ في يده ... قد صار قطعُ سيوفِ الهند للقصبِ
فإن يكن أصلها لم يقو قوتها ... فإن في الخمر معنى ليس في العنبِ
ادعى في البيت الأول أن القطع الذي عهدت به السيوف قد انتقل إلى الأقلام التي تهزها يد ممدوحه، فلم يبق للسيوف خصلة تفاخر بها، وليست هذه الدعوى من الجلاء بحيث تفتح لها النفوس باب القبول بسرعة، وأول ما يطعن فيها: أن الأقلام مشتقة من القصب، وهي أوهن من العصا، دع السيف ومضاءه، فاحتاج إلى تأييدها بما يدفع الشبهة، ويحشرها في زمرة الأقوال المسلَّمة، فضرب لها المثل في البيت الثاني بالخمر التي هي عصارة العنب، وقد امتازت عن بقية العصيربإطفاء نور العقل، وإطلاق اللسان يخبط في فلاة الهذر خبط عشواء، فصارت بهذه الخاصية حقيقة قائمة بنفسها، ومالكة لقوة لم تكن في جنسها.
وقد يكون المعنى مما تألفه العقول، ولا يتشبث به في سياقه ما يجر السامع إلى ارتياب، أو يحمله على إنكار، وإنما يقصد الشاعر إلى إيراده في مثال أوضح، حتى يقع من نفوس السامعين في قرار مكين، ومثال هذا: قول سيف الدين بن المشد: