تُسيغ النفس الشعر، فتأخذها هزة الارتياح، ولا تتمالك أن تعبر بقول، أو تفعل ما يدل على إعجابها به؛ أنشد أبو تمام أبا دلف قصيدته التي رثى بها محمد بن حميد، فقال أبو دلف: لم يمت من رُثي بمثل هذا الشعر، ومن عيون هذه القصيدة:
كأن بني نبهانَ يوم مُصابه ... نجومُ سماء خرَّ من بينها البدرُ
وأنشد ابن الأعرابي أبيات أبي العتاهية التي يقول فيها:
ثم قال لجليسه: هل تعرف أحداً يحسن أن يقول مثل هذا الشعر؟
وسمع الأصمعي أبيات نصيب التي يقول فيها:
ولا خير في ودِّ امرئ متكارهٍ ... عليك ولا في صاحبٍ لا توافقُهْ
إذا المرءُلم يبذل من الود مثلما ... بذلتُ له فاعلم بأني مفارقُهْ
فقال: قاتل الله نصيباً ما أشعره!.
واقترح الملك العادل على الشاعر ابن ظافر نظم قصيدة في المجلس، يرسلها جواباً عن قصيدة بعث بها الملك المعظم بالشام، فارتجل ابن ظافر قصيدة قال صاحب "نفح الطيب": صفقت لها أيدي الحاضرين إعجاباً ببلاغتها، ومما يقول في هذه القصيدة:
يكفي الأعادي حَرُّ بأسك فيهم ... أضعاف ما يكفي الوليّ نداكا