للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يمدح أحد الأمراء بالشجاعة:

يهتزُّ من تحتِ السلاحِ كأنه ... ريحانةٌ لعبت بها ريحُ الصَّبا

ولو قيل هذا البيت في جبان فرَّ من وجه أعدائه، فأدركوه حتى وقع تحت سيوفهم، لكان وصفاً مطابقاً؛ ويقال: إن الممدوح لما سمع هذا البيت، ثار غضبه، وهمَّ بعقوبة الشاعر لولا أنه أنشد بعده:

في كلِّ منبتِ شعرةٍ من جسمه ... أسدٌ يمدّ إلى الفريسةِ مخلْبا

وقد ينظر في الصور الخيالية من لم يصفُ ذوقه، فينحو في نقدها نحو المعاني العلمية؛ ووقع مثل هذا لأحد الكاتبين في البيان إذ ناقش الشاعر في قوله:

كالطيفِ يأبى دخولَ الجفنِ منفتحاً ... وليس يدخلُ إلا إذا انطبقا

وقال: إن الطيف لا يدخل الجفن، وإنما هو شيء يخيل إلى النفس، وهذا مدفوع بأن الصور الخيالية ليست بموضع لمثل هذه المناقشة الفلسفية، والشاعر يعلم أن الطيف لا يدخل الجفن، ولا يخرج منه، ولكن يخيل إلى النفس على وجه يشبه المرئي رأي البصيرة، فكان بمنزلة ما يدركه البصر من الصور المحسوسة في صحة التعبير فيه بدخول الجفن، كما صح أن يعبر عن امتناع تخييله حال انفتاح الجفن بإباية الدخول فيه.

وقد يجيء العيب من ناحية الخلل الذي ينشأ من حذف بعض الكلمات، كما جاء في قول الشاعر:

وإني لظلّام لأشعثَ بائسٍ ... عرانا ومقرورٍ بَرَى مالَه الدهرُ

وجارٍ قريبِ الدار أو ذي جناية ... بعيدِ محلِّ الدار ليس له وفرُ