ومن وجوه النقد: أن يقصد الشاعر إلى تحسين شيء قد يعده بعض الناس شائنًا، فيصرّح في الشعر بعيب الناس له، والأفضل أن يبين وجه حسنه حتى يتلقاه السامع من حيث لا يشعر بأنه مظنة لأن يعاب؛ وأسوق مثلاً على هذا: أن المعزّ بن باديس استخلى محمد بن شرف، وابن رشيق، وقال لهما: أريد أن تصنعا شيئاً تمدحان به الشَّعرَ الرقيق الذي يكون على سُوق بعض النساء، فإنيّ أستحسنه، وقد عاب بعض الضرائر بعضاً به، وكلهن قارئات كاتبات، فأحب أن أرِيهُنَّ هذا، وأدَّعي أنه قديم؛ لأحتج به على من عابه، فكان الذي قال ابن رشيق:
يعيبون بلقيسية أنْ رأوا لها ... كما قد رأى من تلك من نصب الصرحا
وقد زادها التزغيب ملحاً كمثل ما ... يزيد خدود الغيد تزغيبها ملحا
فانتقد المعزّ على ابن رشيق قوله:"يعيبون بلقيسية"، وقال له:"أوجدت لخصمها حجّة بأن بعض الناس قد عابه".
وقد يجيء العيب في الشعر من عدم رعاية الشاعر للغرض الذي يتحدث عنه؛ كما قال أبو نواس في مطلع قصيدة يهنئ فيها الفضل بن يحيى البرمكي ببناء دار:
أَرَبْعَ البِلى إن الخشوعَ لبادِ ... عليك وإني لم أخنك ودادي
يقال: إن الفضل عندما سمعها تطيَّر، ونكس رأسه، وأخذ الناس ينظر بعضهم إلى بعض، يعجبون لأبي نواس إذ كبا في هذه الحلبة جواده، ولم يسعده عند الحاجة ذكاؤه.
ومن الزلل الذي يقع فيه الشاعر: أن يسيء الأدب مع الخالق، أو الرسول، أو من يجب احترامه في نظر الدين؛ وللسيوطي رسالة تسمّى: "تنزيه الأنبياء