الناقة صاحبَها، كما قال الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا}[يوسف: ٨٢] يريد: أهلها، وهلاّ أنشدته قول الحارثي:
وقفت على الديار فكلمتني ... فما ملكت مدامعها القلوص
يريد: صاحبها. وهذا من أبي عمرو حديث عما يسميه البيانيون: مجاز الحذف.
أما ما يشبه هذه الكلمات وهذا النقد، فهو في صدر الدولة العباسية غير قليل.
نجد في آثارهم: أن أبا العباس السفاح مؤسسَ تلك الدولة يصف البلاغة، ويجعل من حليتها المعرفةَ بمواضع الفصل والوصل، يروون عنه أنه قال لكاتبه:"قف عند مقاطع الكلام وحدوده، وإياك أن تخلي المرعى بالهمل، ومن حلية البلاغة المعرفة بمواضع الفصل والوصل".
وتجد في آثارهم أن المفضل الضبي سأل أعرابياً عن البلاغة، فقال:"الإيجاز في غير عجز، والإطناب في غير خطل". قال ابن الأعرابي راوي هذا الأثر: فقلت للمفضل: ما الإيجاز عندك؟ قال: حذف الفضول، وتقريب البعيد.
وذكر ابن خلدون جعفرَ بن يحيى فيمن كتبوا في فن البيان، فقال في مقدمة "تاريخه": "وكتب في هذه العلوم جعفر بن يحيى، والجاحظ، وقدامة إملاءات غير كافية".
وتحدث شبيب بن شيبة عن ثلاثة أنواع من البديع: حسن الابتداء، وحسن الانتهاء، وجودة القافية. فقال: والناس موكلون بتفضيل جودة الابتداء، وبمدح صاحبه، وأنا موكل بتفضيل جودة المقطع، وبمدح صاحبه، وحظ