جودة القافية - وإن كانت كلمة واحدة - أرفع من حظ سائر البيت.
وإذا صرفنا النظر عن البلغاء إلى علماء اللغة والنحو، نجدهم كانوا يعرجون على جانب من وجوه البيان ومحاسنه.
نجد أبا عمرو بن العلاء المتوفى سنة ١٥٤ يشرح الأبيات، ويلوّح إلى ما فيها من مجاز. يورد الرواة هذا البيت:
أقامت به حتى ذوى العود والتوى ... وساق الثريا في ملاءته الفجر
ويقولون كان أبا عمرو يقول:"ألا ترى كيف جعل للفجر ملاءة، ولا ملاءة له؟ ". ونجده يذكر كلمة "قيد الأوابد" من قول امرئ القيس:
بمنجردِ قيدِ الأوابد هيكلِ (١)
ويقول: إنه أحسن في هذه اللفظة، وإنه اتبع فيها فلم يُلحق.
ونجد الخليل بن أحمد المتوفى سنة ١٧٥ و ١٧٠، قد تحدث عن الجناس والمطابقة، وعن الاستعمال المجازي، قال سيبويه:"وسألت الخليل ابن أحمد عن قول العرب: ما أُميلحه! فقال: حقّروا هذا اللفظ، وإنما يعنون الذي تصفه بالملح، كأنك مُليّح، شبهوه بالشيء الذي تلفظ به وأنت تعني شيئاً آخر، نحو قولهم: يطؤهم الطريق: أهل الطريق، وصيد عليه يومان: صيد عليه الصيد يومين، فحذف الصيد، وأقام اليومين مقامه".
ونجد سيبويه المتوفى سنة ١٨٠ يأتي في الكتاب على مباحث تدخل في فن البيان، نجده قد تناول في عدة مواضع من كتابه: التقديم والتأخير من الوجه الذي يبحث عنه علماء البلاغة، منها: قوله في باب الفاعل: "إنما يقدمون الذي