فأعاد عمر البيت متعجباً من تفصيله بين الحقوق، وإقامة أقسامها. وينبه لهذا النوع ما حكاه قدامة نفسه من أنه أنشد في حضرته رجل من بني حنيفة قول جرير:
كانت حنيفة أثلاثاً فثلثُهم ... من العبيد وثلث من مواليها
وقيل للرجل: من أيهم أنت؟ فقال: أنا من الثلث الملغى! فقد عرف العرب من قبل قدامة أن إقامة الأقسام من حسن البيان، وأن الإخلال بواحد منها وصمة تقف به دون حد البلاغة.
وانفرد قدامة بالنوع الذي يسمّى:"صحة المقابلة". وملاك هذا النوع: المواخاة بين المعاني، ولم يكن قدامة بالذي تحدث عنه في كلام العرب حديثاً لا سلف له فيه، فما نقرأ في كتب الأدب ككتاب "الأغاني"، و"موشح" المرزباني: أن نصيباً، والكميت، وذا الرمة اجتمعوا، فأنشد الكميت:
أم هل ظعائن بالعلياء رابعة ... وإن تكامل منها الدَّلُّ والشنَبُ
فعقد نصيب واحدة، فقال له الكميت: ماذا تحصي؟ فقال: خطأك؛ فإنك تباعدت في القول، فأين الدل من الشنب؟! ألا قلت كما قال ذو الرمة:
لَمياءُ في شفتيها حُوة لَعَسٌ ... وفي اللثاة وفي أنيابها شنبُ
وقد ذكر قدامة نفسه أن الأدباء كانوا يعيبون قول امرئ القيس:
فلو أنها نفس تموت سوية ... ولكنها نفس تساقط أنفسا
حيث جعل "سوية" في مقابلة "تساقط أنفسا"، قال: ولهذا غيّروها وأبدلوهاب "جميعة"؛ لأنه الذي يقع في مقابلة "تساقط أنفسا".
وانفرد قدامة بالنوع الذي يسمى:"المساواة"، وهو أن يكون اللفظ