مساوياً للمعنى حتى لا يزيد عليه، ولا ينقص منه، وللأدباء من قبل قدامة حديث في هذا الشأن، وقدامة نفسه يقص علينا أن بعض الكتاب قال في وصف أحد البلغاء:"كانت ألفاظه قوالب لمعانيه"؛ أي: أنهما متساويتان لا تزيد إحداهما على الأخرى.
وانفرد قدامة بالنوع الذي يسمى:"الإيغال"، وهو أن يستوفي الشاعر معنى الكلام قبل أن يبلغ مقطع البيت، ثم يأتي بالمقطع، فيزيد معنى آخر يزداد به الغرض حسناً وبيانًا. وهذا النوع قد تحدث عنه علماء الأدب من قبل قدامة، وقدامة نفسه يقص علينا أن التوزيَّ قال للأصمعي: من أشعر الناس؟ فقال: من يأتي بالمعنى الخسيس، فيجعله بلفظه كبيراً، أو الكبير، فيجعله بلفظه خسيسًا، أو ينقضي كلامه قبل القافية، فإذا احتاج إليها، أفاد بها معنى، قال: قلت: نحو من؟ قال نحو ذي الرمة حيث يقول:
قف العيس في أطلال ميّة فاسألِ ... رسوماً كأخلاق الرداء المسلسل
فتم كلامه بالرداء، ثم قال:"المسلسل"، فزاد شيئاً بقوله: المسلسل.
وانفرد قدامة بالنوع الذي يسمى:"ائتلاف القافية"، وهو أن تكون القافية متعلقة بما تقدم من المعنى، وملائمة له. وقد سبق إلى التنبيه على العناية بشأن القافية شبيب بن شيبة حين يقول:"وحظ جودة القافية -وإن كانت كلمة واحدة- أرفعُ من حظ سائر البيت". وكذلك يقول بشر بن المعتمر:"فإن كانت القافية لم تحل مركزها، وكانت قلقة في مكانها، فلا تكرهها على اغتصاب الأماكن، والنزول في غير أوطانها".
وانفرد قدامة بالنوع الذي يسميه:"إشارة"، وهو أن يكون اللفظ القليل مشتملاً على معان كثيرة يدل عليها بايماء، وقد سبقه إلى التنبيه على هذا النوع