للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على النظر في حركات الفلك، وهي لا تتيسر إلا للعارفين بدقائق علم الهيئة.

وورد في سبب نزول الآية رواية أخرى ضعيفة تتضمن أن بعض الصحابة سألوا عن سبب تزايد الهلال في أول الشهر، وتناقصه في آخره، فأجيبوا ببيان حكمة خلقها: {قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ}، ومقتضى هذه الرواية وورود الجواب ببيان حكمة خلق الأهلة، لا ببيان المسؤول عنه، وهو سبب اختلافها بالتزايد والتناقص: أن تكون الآية من قبيل ما يسميه علماء البلاغة: "الأسلوب الحكيم"، فكأن المسؤول يقول للسائل: كان الأولى بك أن تسأل عن هذا الحال الذي أجبتك به، وهو في الآية حكمة خلق الأهلة، لا عن الحال الذي سألت عنه، وهو سبب تزايدها في أول الشهر، وتناقصها في آخره.

{وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا}:

لما ذكر في الآية السابقة أن الأهلة مواقيت للحج، صح أن يوصل ذلك بإنكار عادة جرى عليها الأنصار في حجهم، فقال تعالى: {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا}، هذه العادة، كما روي في سبب نزول الآية: أن الأنصار كانوا إذا أحرم الرجل منهم في الجاهلية، لم يدخل بيتاً من بابه، بل كان يدخل من نقب في ظهره، أو يتخذ سلماً يصعد فيه، فقيل لهم: ليس البر بتحرجكم من إتيان المنازل من أبوابها.

{وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى}:

تقدم أن البر اسم لخصال من الخير فُصلت في قوله تعالى {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ} [البقرة: ١٧٧] الآية. ولما كان معنى التقوى حاملاً لتلك الخصال السنية، اكتفى بذكرها هنا في بيان معنى