للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النافقاء يبنيها اليربوع، (١) حتى إذا حوصر من باب، خرج من آخر، وذهب بسلام، ولا ندري ماذا يريد بقوله: "عندهم"، والظاهر أنه لم يرد بذلك علماء الإسلام، فإنه قال في صدر الباب: إنه لا يعرف لأحد من العلماء رأياً صريحاً في بحث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ملكاً أم لا. ولو قالوا: إن الجهاد النبوي كان في سبيل الملك، لكان هذا القول صريحاً في ذهابهم إلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ملكاً.

على أننا لا نعلم، ولا يمكن أن نعلم أن أحداً من علماء الإسلام يذهب إلى أن الجهاد النبوي كان في سبيل الملك، وكيف تصدق أن يذهب أحد إلى هذا السفساف، وأنت لا تتلو قرآناً أو حديثاً في الجهاد إلا وجدته يُصرح وُيرشد إلى أن يكون "في سبيل الله".

ثم أتى المؤلف بمثل آخر من أمثلة الشؤون الملكية، وهو ما كان في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - من العمل المتعلق بالشؤون المالية من حيث جمع المال، وتوزيعه بين مصارفه.

ثم قال في (ص ٥٤): "ولا شك أن تدبير المال عمل ملكي، بل هو أهم مقومات الحكومات. على أنه خارج عن وظيفة الرسالة من حيث هي، وبعيد عن عمل الرسل باعتبارهم رسلاً فحسب".

الذي يعرفه رجال العلم: أن تحديد وظيفة الرسول يرجع إلى إرادة المرسل، فهو الذي يحد له العمل الذي يقوم به، ويبلغه عنه، ومعرفة أن هذا العمل داخل في وظيفة الرسول، إنما تتلقى من الأدلة السمعية التي


(١) اليربوع: حيوان صغير على هيئة الجرذ الصغير، وله ذنب صغير ينتهي بخصلة من الشعر، وهو قصير اليدين، طويل الرجلين.