أُمر - عليه الصلاة والسلام - بالعفو، وإنما يعفو فيما يختص به من الحقوق؛ كأن يؤذيه شخص في مال، أو يسيء إليه بكلمة جافية لا تبلغ حد الكفر، وأما الإساءة فيما هو حق الله؛ كترك الصلاة أو الصيام، أو شرب الخمر، فلا يملك عنه إلا الله، قالت عائشة -رضي الله عنها- فيما روي في الصحيح:"ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منتصراً من مظلمة ظلمها قط، ما لم تكن حرمة من محارم الله".
وكان - صلى الله عليه وسلم - المثال الأكمل في هذا الخلق العظيم، وشواهد هذا ثابتة في كتب السيرة والحديث.
{وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ}:
اطلب لهم من الله المغفرة للذنوب المتعلقة بحقوقه تعالى، وأما الجنايات المتعلقة بحقوق العباد؛ من نحو: الجناية على مال شخص، أو بدنه، أو تناوله بغيبة، أو لمز، فأمر العفو عنها قد جعله الله في أيدي المجني عليهم، ووكله إلى رضاهم.
فعفوه - عليه الصلاة والسلام - عمن يسيء إليه، ودعاؤه لمن يقع في مخالفة أمر الله بالمغفرة، أوضحُ شاهد على أنه كان يحمل لأصحابه العطف الخالص، والشفقة التامة، وإذا رأينا في سيرته أنه كان يقيم الحدود، ويعاقب المعتدين على حق من حقوق الله، أو حقوق العباد، من غير لين، فلحفظ الدين، أو لإقامة العدل، أو لتقرير الأمن.
{وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ}:
المشاورة في الأمر: المراجعة فيه لاستطلاع الرأي الصالح؛ أي: