للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}:

أي: تبعثون، وفي هذا إعلام بأن أمرهم في كلتا الحياتين بيده، فلا يعملون في الدنيا عملاً إلا بإذنه، ولا يجزيهم على أعمالهم في الآخرة إلا هو.

{وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً}:

الفتنة في أصل وضعها: الامتحان والاختبار، ووردت بمعنى: الكفر، والضلال، والمعصية، والعذاب، ويصح أن تفسر الفتنة في الآية بالمعصية. وإصابتها للظالمين وغيرهم، بمعنى: إصابة أثرها لهم، وهو ما تجره في الدنيا من شقاء وعذاب.

والفتنة التي يعم وبالها مرتكبيها وغيرهم: ما كان من نحو إقرار المنكر، وتفرق الكلمة وإهمال التعليم الديني والقعود عن دفاع العدو، فإن شؤم عاقبة هذه المعاصي لا يخص الذين ظلموا، وهم المقرّون للمنكر، والعاملون لا نفصام عرا الاتحاد، والمهملون للتربية الدينية، والقاعدون عن الجهاد تكاسلاً، بل يتعداهم إلى غيرهم من نحو الأطفال والمستضعفين من الرجال والنساء، وهذه المعاصي تُسقط الأمم من عليائها، بل هي الطعنات النافذة في مقاتلها، فإقرار المنكر سبب كثرة الفسوق وانتشاره في البلاد، وانتشارُ الفسوق يفسد الأخلاق، ويذهب بالرجولة والغيرة على الكرامة، وإذا فسدت أخلاق القوم، وذهبت الرجولة من نفوسهم، انحدروا في خزي ودمار.

وتفرق الكلمة سبب التخاذل، وعدم التعاون على فعل الخير ودفع السوء، وذلك ما يلقي بالأمة في بؤس وهوان، وترك تربية النشء تربية دينية يأتي بعواقب مشؤومة، وأي عاقبة أشأم من أن يتولى أمور الأمة ملاحدة