من هذا القبيل، ويحصر سرعة الإهلاك وعدم انتشار الدعوة فيمن يدعي الوحي والنبوة، وقال في الفرق بين مدعي النبوة ومدعي الإلهية: إنّ نشر دعوة النبوة آية من آيات الله، ولا يعطى مفتر هذه الآية لئلا يلتبس أمر النبي بالمتنبي، أما مدعي الإلهية؛ فإنه يدعي أمراً مستحيلاً، فليس هناك موضع التباس.
وكلامه هذا يقتضي أن الله تعالى يهلك المفتري إذا كانت دعواة محتملة للصدق؛ لئلا يلتبس على الناس أمره، أما إذا قامت الأدلة الكافية على بطلان دعواه، فإنه يجوز إمهاله، وانتشار دعواه في طائفة من الناس.
وإذا كان داعية القاديانية يعترف بأن المضلل الذي تقوم الأدلة على افترائه قد تتأخر عقوبته إذ يلتبس المبطل بالحق، قلنا له: إن الأدلة القائمة على انقطاع النبوة بعد محمد - صلى الله عليه وسلم - قاطعة، فقد تظافر على ذلك الكتاب والسنّة المتوترة والإجماع، فيجوز أن يكون تأخير إهلاك غلام أحمد، وترك أباطيله تنتشر بين طائفة من الناس، من ناحية أن الأدلة القائمة على بطلان دعواه الوحي والنبوة قاطعة، وليس بينها وبين إزهاق روح تلك النحلة المارقة إلا أن يتناولها أهل العلم بالبيان، ويطاردوا بها دعاة القاديانية في كل زمان ومكان.
فإن قال داعية القاديانية: لو كانت الأدلة على انقطاع النبوة قاطعة، لم يخالف فيها غلام أحمد ومن انحدروا في ضلالته، قلنا: إنكم سلمتم أن الأدلة القائمة على افتراء رئيس البهائية قاطعة، وقد عمي طائفة البهائية عن هذه الأدلة، وليسوا بأوفر في الغباوة منكم نصيباً، ولا أحط منكم في الجهالة دركاً، ولا أشد منكم في اشتراء الدنيا بالدين تهالكاً.
فدعوى النبوة بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معلومة البطلان من الدين بالضرورة،