للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فمن ادعاها لا يشتبه حاله بحال المحق البتة، فمن الجائز إذن أن يمهله الله تعالى كما يمهل مدعي الإلهية، ثم يسحته بعذاب في الدنيا أو الآخرة.

ولنعد إلى بيان تخبطه في الآيات التي ساقها على أن مدعي النبوة يعجل الله بعقوبته، ويمنع من انتشار دعوته فنقول:

أما قوله تعالى:

{إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ} [يونس: ٦٩].

وقوله تعالى:

{فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ} [يونس: ١٧].

فإنما يدلان على أن المفتري على الله تعالى لا يفلح، وليس معنى عدم الفلاح بمقصور على إهلاكه بسرعة، وخيبة دعوته بحيث لا تجد سامعاً -ولو من الطبقة التي هي أقرب إلى الحيوان الأعجم منها إلى الإنسان-، بل يكفي في تحقيق عدم الفلاح: فوز أنصار الحق عليه في الدنيا، والتحاقه بزمرة الأشقياء في الأخرى.

ثم إن عدم الفلاح قد جعل في الآية الثانية مما يترتب على التكذيب بآيات الله، أفيبلغ الخلط في الحديث بهذا الداعية أن يدعي أن كل من يكذب بآيات الله بعجل الله بإهلاكه في الدنيا؟!.

وأما قوله تعالى:

{وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ} [غافر: ٢٨].

وقوله تعالى:

{لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى} [طه: ٦١].