الإسلامية، وأقول في أسف: إن كلاً منها يدعو إلى نزعته، ويستهوي النشء بزخرف القول ونحوه من وسائل التغرير، فسرت تلك الدعايات في الأمة سريان الأوبئة الجارفة، ولم يقم التعليم بالمدارس ولا بالمعاهد الدينية بما يدفع شرها، فبلغت الحالة إلى ما نراه اليوم بأعيننا، ونسمعه بآذاننا، والأسف يمزق أكبادنا.
يوجد هذا الشر في مقالات تنشر في الصحف، ومحاضرات تلقى في النوادي، ووسائل تصدر في أسفار منمقة، وشُبه لا تتورع عن أن تظهر على كراسي التعليم، ومحاورات في المجالس، وليس لهذه المعاول غرض إلا تقويض صرح الهداية، وصرف النفوس عن طريق إصلاحها.
يجري هذا بين بيوتنا ونحن في غفلة عنه، وإذا شعرنا، لم يكن لشعورنا به من أثر سوى التحدث به، وتبادل عبارات الأسف لكارثته.
وليست هذه الأمراض الفكرية أو الخلقية خاصة بشعب إسلامي دون بعض، بل أصابت الشعوب الإسلامية في الشرق والغرب، والشمال والجنوب.
تلكم علل التطور المحزن، وطالما قلَّبنا النظر لعلنا نظفر بعلاج يستأصلها، أو يقف بها -في الأقل- عند حد، فلا نرى إلا مساعي أفراد وجماعات صغيرة لا تزيد على خطب تلقى، أو مقالات تحرر، وكنا نود لو أن رجال الدولة يعنون بالنظر إلى مكافحة هذا الخطر نظراً عميقاً متواصلاً، نصحاً لله ولرسوله وللمؤمنين، وتحقيقاً للمادة من الدستور التي تنص على أن دين الدولة الرسمي هو الإسلام.
ولا ننكر أن قسماً كبيراً من تبعة هذا التطور ملقى على أعناق علماء الدين، ولكنه تطور استغلظ، وضرب بعروقه في أرضنا، فلا يمكن اقتلاعه منها إلا