ولكون السعي في تحصيل الرزق يحفظ على الرجل دينه وعرضه، ويجعل حياته في طمأنينة وانتظام، تضافر الحكماء في مواعظهم وأشعارهم على الترغيب فيه، والتنفير من البطالة التي هي مدرجة الاحتياج، ثم الاستجداء.
مر عمر بن الخطاب على زيد بن مسلمة وهو يغرس في أرضه، فقال له عمر: أصبت، استغن عن الناس، يكن أصون لدينك، وأكرم لك عليهم.
وحث علي بن أبي طالب على التجارة، وقال: إنها ثلث الإمارة.
وفضل عمر بن الخطاب الكسب بحرفة فيها شيء من الدناءة على السؤال، فقال: مكسبة فيها بعض الدناءة خيرٌ من مسألة الناس.
وفضل مالك بن أنس كسبَ الرجل من طريق فيه شبهة على الاحتياج إلى ما في يد غيره، فقال: طلب الرزق في شبهة أحسنُ من الحاجة إلى الناس.
البطالة تلبس الرجل ثوب حقارة، والعمل يكسوه كرامة.
كان عمر بن الخطاب إذا رأى فتى، فأعجبه حاله، سأل عنه: هل له حرفة؟ فإن قيل: لا، سقط في عينه.
وشريف الهمة: من أنس في نفسه القدرة على كسب الرزق من طريق العمل بيده، فنهض، ولو وجد شخصاً تطوع له بأن ينفق عليه من ماله الخاص.
كان النبي - صلى الله عليه وسلم - آخى بين عبد الرحمن بن عوف، وسعد بن الربيع الأنصاري، في صدر الهجرة، فعرض سعد على عبد الرحمن أن يناصفه ماله، فقال له عبد الرحمن: بارك الله لك في مالك، دلني على السوق، فأتى السوق، وتعاطى التجارة حتى أصبح من أغنياء الصحابة.