للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عمر بن الخطاب: من لا يعرف الشر يوشك أن يقع فيه.

ويجري في صفات المديح لفظ: المداراة، وفي صفات الذم لفظ: المداهنة، والمداراة: أن تلقى من تخشى شره بتبسم، أو تخصه بإكرام، أو تترك محاورته في أمر يبطش بمن يحاوره فيه، أو تذكر ما عرفته من محاسنه، وتسكت عن مساويه، أما المداهنة، فهي أن تصفه بالعلم وهو جاهل، أو بالشجاعة وهو جبان، أو بالعدل وهو ظالم، أو يبدي رأياً خطأ، فتقول له: أصبت الحق.

وقد يخطئ بعض الناس، فيحسب البشاشة في وجه المطبوع على الإساءة اتقاء لإساءته مداهنة، ويحسب آخرون أن التبسط في إطراء من يتقى شره مداراة، في حين أن علم الأخلاق يسمي الذي يجري على لسانه مديح الأشرار: منافقاً، ومداهناً.

ويسمى أناس الإحجام حيث يجب الإقدام: حزماً، وإلى هؤلاء يشير المتنبي بقوله:

يرى الجبناء أن الجبن حزم ... وتلك خديعة الطبع اللئيم

ويسمي أناس بسط اليد بالمال في وجوه البر: إسرافًا، وقال بعض هؤلاء لمن أنفق في سبيل الخير مالاً كثيراً: لا خير في الإسراف، فقال: "لا سرف في الخير".

ويسمي أناس الأناة: إبطاء، وللأناة مقام غير مقام الإبطاء، قال شاعر الحماسة:

منا الأناة وبعض القوم يحسبنا ... أنا بِطاءٌ وفي إبطائنا سرع

ويسمي أناس إطلاق اللسان أو القلم بهجاء الأشخاص، أو بالنقد