وفي مصانعنا نستعين بكل ما وصل إليه العلم من آلات دقيقة وسريعة؛ لننافس الأمم بتقدمنا وجودة إنتاجنا، وفي الوقت نفسه نتعامل مع عمالنا وعملائنا بكل ما أرشد إليه ديننا من رفق وتراحم، وتعاون وإخلاص وأمانة، وحفظ للمواعيد، وتمسك بالعهود، وتجنب لنقيصتي البخل والإسراف، والمحاباة والإجحاف.
وفي مجتمعنا نتحرى المبادئ والقواعد الخاصة بنا في كل ما نحاوله من تنظيم وعمل، مع ما نحرص عليه من أسباب القوة والتقدم والنجاح؛ ليتصل حاضرنا بماضينا، ولنكون به قدوة لمن يأتي بعدنا من الأجيال.
إن النهضة التي تقوم على هذين الأساسين هي النهضة الصادقة الثابتة الخطا، الوثيقة الدعائم، وهي التي تتقبلها الأمة بالاستبشار؛ لأنها توافق مصلحتها، وتتفق مع راحة ضمائرها، وتكون بذلك عبادة؛ لأنها جمعت بين سعادة الدنيا، وفضائل الدين.
أما الذين يشغلون الأمة عن سعادة الاستعداد للنهوض بالتعرض لأمور تراها الأمة ماسة بأصول ومبادئ عزيزة عليها، وهي في الوقت نفسه لا دخل لها فيما نحن آخذون به للنهوض بالمرافق الصناعية والزراعية والعسكرية؛ كمحاولة محاكاة الأمم الأجنبية في نظام الأسرة، وشؤون الزواج، والأمور الشكلية؛ كالأزياء وما إليها، فإن ذلك كله ليس من مصلحة الوطن، ولا خير فيه لهذه الأمة، وهي في هذا الطور العظيم من أطوار نهوضها وتقدمها.
ومما ينبغي لجمهور الأمة أن يكون على علم به: أن كل ما طرأ علينا من عدوى أجنبية في حياتنا الاجتماعية؛ كالإضراب عن الطعام احتجاجاً على أمر من الأمور، أو الإضراب عن العمل لاختلاف بين العمال وأصحاب الأعمال،