للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمية، وكان عمره حين تولاها نيفاً وعشرين سنة، فأحسن الولاية عليها في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأقره أبو بكر عليها إلى أن مات يوم مات. وقد برهن طول مدة ولايته على كمال الكفاية الإدارية، والإخلاص لله. روى عبد الله بن يسار عن عمرو بن أبي عقرب: أنه سمع عتاب بن أسيد وهو مسند ظهره إلى بيت الله يقول: "والله! ما أصبت في عملي هذا الذي ولاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا ثوبين معقدين كسوتهما مولاي كيسان!.

ومن أمثلة ولاية اكفاء للعمل، وإن كانوا حديثي السن: تأمير النبي - صلى الله عليه وسلم - أسامة بن زيد على جيش كان من جنوده أبو بكر وعمر وأمثالهما، لميزات توفرت لأسامة في ذلك العمل، وانتقل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الرفيق الأعلى، واختار المسلمون أبا بكر للخلافة عليهم، فأقر ولاية أسامة على ذلك الجيش، وأراد أن يستبقي عمر في المدينة؛ ليكون مستشاره ووزيره، فلم يأمر أسامة بالتخلي عن عمر، بل (استأذنه) في ذلك باعتبار أن أسامة هو الآمر على عمر، فلا يجوز -ولا للخليفة- التصرف في أمره إلابإذن آمره المباشر، وهي سنّة من سنن الإسلام الحكيمة في نظام الحكم سنها ولاة أمور المسلمين في صدر تاريخهم، ولم تتوصل إلى مثلها الدول العريقة في تقاليد الحكم إلا بعد دهر طويل.

ومما يدل على التقدم بالكفاية دون السن والقدم: أن أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب كان يُحضر عبد الله بن عباس، وهو شاب حديث السن في جملة كبار المهاجرين والأنصار، ويستشيره؛ لما بدا له من معرفته وإخلاصه.

والكفاية المطلوبة لكل عمل هي التي فيها مصلحة الدولة والأمة في مدة العمل.

قال القاضي أبو الحسن الماوردي في "الأحكام السلطانية": "إذا كان