أحد المرشحين للإمامة أعلم، والآخر أشجع، يراعى في الاختيار ما يوجبه حكم الوقت، فإن كانت الحاجة إلى فضل الشجاعة أدعى؛ لانتشار الثغور، وظهور البغاة، كان الأشجع أحق، وإن كانت الحاجة إلى فضل العلم أدعى لسكون الدهماء، وظهور أهل البدع، كان الأعلم أحق".
وقال في شروط تقليد الوزارة: "إنه يحتاج فيه إلى شرط زائد على شرط الإمامة، وهو أن يكون من أهل الكفاية فيما وكل إليه من أمر الحرب والخراج خبرة بهما، ومعرفة بتفصيلهما؛ فإنه مباشر لهما تارة، ومستنيب فيهما أخرى، فلا يصل إلى استنابة الكفاة إلا أن يكون منهم، كما لا يقدر على المباشرة إن قصر عنهم، وعلى هذا الشرط مدار الوزارة، وبه تنتظم السياسة".
وقال في شرط ولاية كاتب الديوان: "المعتبر في صحة ولايته شرطان: العدالة، والكفاية، فأما العدالة، فلأنه مؤتمن على حق بيت المال والرعية، فاقتضى أن يكون في العدالة والأمانة على صفات المؤتمنين، وأما الكفاية، فلأنه مباشر لعمل يقتضي أن يكون في القيام به مستقلاً بكفاية المباشرين".
وأنت ترى أن مدار الولاية في الإسلام على الكفاية الممثلة في معرفة ما يلزم للعمل الذي يراد تولية العامل عليه، والعنصر الخلقي، ومناطه الإخلاص، والغرض من ذلك: أن يكون العامل جامعاً للصفات التي تتحقق بها مصلحة الدولة والأمة في ذلك العمل بحسب ظروفه الزمانية والمكانية.
ومن هنا يقال في تولية ولي الأمر أقاربه، فإن كانت ظروف العمل، والصفات التي يتحلى بها أقارب الإمام تقتضي توليتهم؛ لما يتوسم فيهم من الحرص على بقاء الدولة ونجاحها، والإخلاص في جلب المصالح لها، ودرء