وجه الاستعارة، وما يكون استعماله على وجه الحقيقة؛ نحو:"السعيدُ من اتَّعظَ بغيرِه"، وما يكون استعماله على وجه التشبيه الصريح؛ نحو قولك:"يخاف شرَّه، ويشتهي قربَه"؛ كالخمر يشتهي شربها، ويخشى صداعها.
فتلخص لنا مما سبق: أن للمثل معنى في أصل اللغة هو: الشبيه والمثل، ومعنى هو: القول السائر، ومعنى هو: الوصف الغريب، أو القصة الغريبة، ومعنى هو: المجاز المركب الذي تكون علاقته المشابهة، ويفشو استعماله.
* المثل في القرآن:
فإذا رجعنا بعد هذا إلى تعرف أمثال القرآن المشار إليها بمثل قوله تعالى:{وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}[الحشر: ٢١]؛ لنعلم ما المراد من المثل الذي يضربه الله للناس، فهل يراد منه: الشبيه والنظير؟ أو يراد منه: القول السائر الذي يشبه مضربه بمورده، أو يراد منه الحال، أو القصة الغريبة، أو يراد: المجاز المركب المستعمل على وجه الاستعارة؟
لنا في تحقيق معنى المثل في القرآن نظران:
ننظر أولاً في كلام من تصدوا في علوم القرآن إلى أمثاله، فكتبوا فيها مصنفاً مستقلاً كما فعل أبو الحسن الماوردي، أو عقدوا لها باباً خاصاً كما فعل الشيخ السيوطي في كتاب "الإتقان"، وفعل الشيخ ابن القيم في كتاب "إعلام الموقعين".
ثم ننظر ثانياً في بعض معاني الآيات التي استعمل فيها القرآن كلمة المثل؛ لعلنا نعرف بها ماذا يراد من المثل في استعمال القرآن.
النظر الأول في كلام من بحثوا في أمثال القرآن:
لم يقع بأيدينا تأليف الماوردي في أمثال القرآن، ولكن السيوطي نقل