عنه: أنه قال: "من أعظم علوم القرآن علمُ أمثاله، والناس في غفلة عنه؛ لاشتغالهم بالأمثال، وإغفالهم الممثلات، والمثل بلا ممثل كالفرس بلا لجام، والناقة بلا زمام".
وهذه العبارة تدل على أنه يريد من أمثال القرآن الآيات المشتملة على تمثيل حال أمر بحال أمر آخر، سواء أورد هذا التمثيل بطريق الاستعارة، أم بطريق التشبيه الصريح، وهذا المعنى هو الذي نفهمه من قول السيوطي:"الغرض من المثل: تشبيه الخفي بالجلي، والغائب بالشاهد".
ولكن الشيخ السيوطي قسَّم الأمثال إلى أمثال صريحة، وأمثال كامنة، وأتى للأمثال الصريحة بأمثلة من الآيات المشتملة على تشبيه حال شيء بحال شيءآخر؛ كقوله تعالى:{مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ}[البقرة: ١٧].
ثم أخذ في الحديث عن الأمثال الكامنة، ناقلاً لها عن الماوردي، فقال:"وأما الكامنة، فقال الماوردي: سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن مضارب ابن إبراهيم يقول: سمعت أبي يقول: سألت الحسن بن الفضل، فقلت: إنك تخرج أمثال العرب والعجم من القرآن، فهل تجد في كتاب الله: "خير الأمور أوساطها"؟ قال: نعم، وأورد آيات تتضمن معنى المثل، منها: قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا}[الفرقان: ٦٧].
قال: قلت: فهل تجد في كتاب الله: من جهلَ شيئاً، عاداه؟ قال: نعم، في موضعين:{بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ}[يونس: ٣٩]، {وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ}[الأحقاف: ١١].