وعلي تركي من "كندية"(بلد بجزيرة كريت)، وفد إلى تونس في عهد الدولة المرادية، وانتظم في الجندية إلى أن توفي سنة ١١٠٣، ونشأ ابنه حسين تحت رعاية البايات من بني مراد، وتقلب في مناصب كبيرة إلى أن بويع الإمارة كما قصصنا.
ومن مآثر حسين باي: أنه شاد بمدينة تونس (المسجد الحسيني)، وأقام بجانبه المدرسة الحسينية، وأنشأ مدرسة إزاء جامع الزيتونة يقال لها: مدرسة النخلة، وبنى مدارس بالقيروان، وسوسة، وبلاد الجريد.
وقام بالأمر بعده ابن أخيه علي بن محمد، وكان حسين باي قد وجه عنايته إلى تعليمه حتى أدرك في العلم منزلة عالية، وله على كتاب "التسهيل" لابن مالك شرح لا يزال موجوداً بالمكاتب التونسية.
ومن مآثره: المدرسة الباشية، والمدرسة السليمانية (نسبة إلى ابنه سليمان)، ومدرسة بئر الحجار، ومدرسة حوانيت عاشور، وأقام في كل مدرسة بالحاضرة وغيرها من البلاد خزانة كتب، وكان قد بعث الشيخ حسين البارودي أحد كبار أهل العلم إلى الآستانة ليشتري له جانباً من أعز الكتب وأنفسها، ومن الأدباء الذين اشتهروا في عهده: الشاعر علي الغراب الصفاقسي، وأبو عبد الله محمد الورغي.
وقام بالأمر بعده محمد الرشيد بن حسين باي، وكان عالماً بارعاً في الفنون الأدبية، وما لبث أن توفي سنة ١١٧٢، وخلفه أخوه علي بن حسين باي، كان مولعاً بمجالسة العلماء، وله مشاركة في العلوم الإسلامية، وبالأحرى: علم الحديث.