بذمام الحب يا برق عسى ... لك علم، حبهم أعيا الأناما
آنسوا عاماً فلما ملكوا ... رِقَّ قلبي أوحشوا عاماً فعاما
ومنهم: علي بن فضال القيرواني، ومما ينسب إليه من الشعر: تلك الأبيات السائرة:
وإخوان حسبتهم دروعاً ... فكانوها ولكن للأعادي
وخلتهم سهاماً صائبات ... فكانوها ولكن في فؤادي
وقالوا قد صفت منا قلوب ... لقد صدقوا ولكن من ودادي
وقالوا قد سعينا كلَّ سعي ... لقد صدقوا ولكن في فساد
ولم تكن نهضة الأدب في ذلك العهد واقفة عند حد البراعة في النظم، وحسن التصرف في المعاني، بل تجاوزت هذه الناحية إلى ناحية النظر في قوانين هذه الصناعة، ووجوه نقدها، وفنون محاسنها، ففي هذا العهد ألف ابن رشيق كتاب "العمدة في صناعة الشعر ونقده"، وكتاب "قراصنة الذهب في نقد أشعار العرب"، وألف ابن شرف كتاب "مسائل الانتقاد" تعرض فيه لنيف وخمسين شاعراً، ونبه فيه لبعض أصول النقد، وألف قبلهما عبد الكريم ابن إبراهيم النهشلي كتابه المسمى "الممتع" بيَّن فيه أساليب النقد ومناحيه، ومن نظراته السامية: قوله في فصل من هذا الكتاب:
"قد تختلف المقامات والأزمنة والبلاد، فيحسن في وقت مالا يحسن في آخر، ويستحسن عند أهل بلد ما لا يستحسن عند أهل غيره، ونجد الشعراء الحذاق تقابل كل زمان بما استجيد فيه؛ وكثر استعماله عند أهله بعد أن لا تخرج من حسن الاستواء، وحد الاعتدال، وجودة الصنعة".
دقت صناعة النقد في ذلك العهد، حتى نرى الأدباء يلحظون من خفي