يمكن للناظر فيما اقتبسناه من سيرة ابن خلدون أن يشهد له ببعض خصال سامية؛ كعلو الهمة، ورقة الحاشية، وقلة المبالاة باقتحام المصاعب والأخطار، وقد وصفه لسان الدين بن الخطيب في كتاب "الإحاطة" ببعض أخلاق شريفة إذ قال: "هو حسن الخلق، جم الفضائل، ظاهر الحياء، وقور المجلس، عالي الهمة، عزوف عن الضيم، صعب المقادة، قوي الجأش، طامح لقنن الرياسة. جواد، حسن العشرة، عكف على رعي خلال الأصالة". ووصفه الوزير أبو عبد الله بن زمرك في قصيدته المومأ إليها آنفاً بشدة الحياء إذ قال:
يقابلني منك الصباح بوجنة ... حكى شفقاً فيه الحياء الذي تبدي
وبحسن الخلق إذ قال:
لقيتك في غريب وأنت رئيسه ... وبابك للأعلام مجتمع الوفد
فآنست حتى ما شكوت بغربة ... وواليت حتى لم أجد مضض الفقد
وعدت لقطري شاكراً ما بلوته ... من الخلق المحمود والحسب العدِّ
وقد أثنى عليه الأستاذ إبراهيم الباعوني الشامي، وكانت بينهما مودة وصحبة، ووصفه بعلو الهمة.
وأومأ ابن الخطيب إلى مغمز في خلقه، وهو بعده عن حسن التأني، وشغوفه بثقوب الفهم، وجودة الإدراك، وجعل هذا هو العلة في تحامل رجاك الدولة عليه، وانطلاق ألسنتهم في السعاية به لدى السلطان.
ولمزه ابن حجر في كتاب "رفع الإصر" بخلق كبير، والازدراء بمقام غيره.