صناعة تطبيق القواعد على ما يعرض من الوقائع -وهي المرتبة التي لا يقصر عنها ابن خلدون فيما نعتقد-، فلهم أن ينفوا عنه أهلية القضاء، ويطرحوه من حساب من يتقلدها بحق.
ثم أن البون الشاسع الذي كان بين مسلكي الشيخ ابن عرفة وابن خلدون في العلم يقتضي أن يكون بينهما من المنافسة ما لا يمنع أحدهما من القدح في مكانة صاحبه، وقد كان بينهما في تونس مجافاة، وادعى ابن خلدون أن لابن عرفة إصبعاً في السعايات التي بلوه بها لدى صاحب الدولة التونسية.
* مؤلفاته:
أتى ابن الخطيب في كتاب "الإحاطة" على بعض مؤلفات ابن خلدون، فقال: شرحَ البردةَ شرحاً بديعاً دلَّ به على انفساح ذرعه، وتفنن إدراكه، وغزارة حفظه، ولخص كثيراً من كتب ابن رشد، وعلق للسلطان -يعني: ابن الأحمر- أيام نظره في العقليات تقييداً مفيداً في المنطق، ولخص "محصل" الإمام فخر الدين الرازي، وألف كتاباً في الحساب، وشرع في هذه الأيام في شرح الرجز الصادر عني في أصول الفقه بشيء لا غاية فوقه في الكمال.
وقال صاحب "نفح الطيب" بعد نقل ما جاء في "الإحاطة" من التعريف بابن خلدون: هذا كلام لسان الدين في حق المذكور في مبادئ أمره وأوسطه، فكيف لو رأى "تاريخه الكبير"؟!.
ومما قاله المقريزي في وصف "مقدمة" هذا التاريخ: وإنه لعزيز أن ينال مجتهد مثالها، إن هي إلا زبدة المعارف والعلوم، وبهجة العقول السليمة