للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

انصرف بهمته إلى التضلع من العلوم النقلية والنظرية، ثم مد يده إلى الشعر على وجه التحلي بفن من فنون الأدب الجميلة.

* مُثل من فلسفته الاجتماعية:

لابن خلدون في الاجتماع والسياسة آراء سامية استمدها من مطالعاته الواسعة في التاريخ، ومشاهداته أزمان الرحلة؛ إذ تقلب في أمم، ودخل في أحشاء دول. ولنسق إليكم أمثلة من فلسفته الاجتماعية التي لها مساس بمشروع جمعية أدبية كجمعية تعاون جاليات أفريقية الشمالية:

* المغلوب مولع بتقليد الغالب:

يقول ابن خلدون: إن المغلوب "مولع أبداً بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيه ونحلته، وسائر أحواله وعوائده". وعلل هذا بأن النفس أبداً تعتقد الكمال فيمن غلبها، وانقادت إليه، إما لنظرة بالكمال بما وقر عندها من تعظيمه، أو بما تغالط به نفسها من أن انقيادها ليس لغلب طبيعي، إنما هو لكمال الغالب.

وهذه نظرية صحيحة، وعلتها ظاهرة، وهي مطردة في الأقوام الجاهلة والشعوب التي يلقى حبلها على غاربها، فتأخذ في تقليد الغالب، والتشبه به في الشعار والعادات، وتفرط في ذلك حتى تندمج في بني جنسه، وتفنى في قبيل عنصريته.

فجدير بزعماء الشرق ودعاة إصلاحه اليوم ألا يدعوا النشء منهمكاً في تقليد الأمم الغربية، ويحق عليهم أن يمعنوا النظر في أحوالها ومظاهر مدنيتها، ويميزوا بين ما كان من أسباب رقي حالتها الاجتماعية، وانبساط يدها إلى القبض على أزمَّة السياسة في الشرق، فيحرضوا الشرقيين على اقتباسه،