تقدم إلى فتح هذا الباب بالقيروان عبد الله بن فروخ؛ فإنه رحل إلى الشرق، ولقي مالكاً وأبا حنيفة، وكان يعتمد في فقهه على مالك، ويأخذ بطريق النظر والاستدلال، وقد يميل إلى قول أهل العراق حين يستبين له أنه أرجح حجة، وأقوم قيلاً.
* ولايته القضاء:
توفي قاضي القيروان عبد الله بن غانم، فأقام زيادة الله مكانه أبا محرز ابن عبد الله الكتاني، ثم إن علي بن حميد وصف لزيادة الله فضل أسد، ومكانته في العلم، وسعى لديه في أن يصرف أبا محرز عن القضاء، ويقلده أسد بن الفرات، فلم يوافق زيادة الله على عزل محرز، ولكنه قلد أسداً القضاء مع أبي محرز سنة ٢٠٤، فكانا يقضيان كل منهما بمكانه؛ بحيث يكون المتداعيان بالخيار.
وفي مدينة تونس لهذا العهد محكمتان: إحداهما تحكم على المذهب المالكي، وأخراهما تحكم على مذهب أبي حنيفة، ويسيران في القضاء على أن الخيار للمدعى عليه، وعباراتهم الخيارية في هذا المعنى:"المطلوب يتوجه حيث شاء".
أما تولية قاضيين لتطرح بينهما القضايا، ويصدرا فيها حكماً واحداً، فقد كان الخليفة المهدي استخلف على القضاء محمد بن علاثة، وعافية بن يزيد، فكانا يقضيان معاً في مسجد الرصافة.
* شجاعته الأدبية:
كان أسد على شاكلة العلماء الذين يصغر في أعينهم أهل الدنيا، ولا تملك عليهم سطوة السلطان ألسنتهم، فيُدهنوا. دخل أسد وأبو محرز