في عساكر الصوائف، وكان يحيى بن أكثم يخرج أيام المأمون بالصائفة إلى أرض الروم، وكذا منذر بن سعيد قاضي عبد الرحمن الناصر من بني أمية بالأندلس".
أذن زيادة الله بأن تهيأ السفن وتساق إلى مرسى مدينة "سوسة"، وكانت نحواً من مئة سفينة، وجهز جنداً يقدرون بعشرة آلاف رجل، وتسع مئة فارس.
خرج أسد في ربيع سنة ٢١٢ متوجهاً إلى مدينة "سوسة" ليقلع منها إلى صقلية، وكان يوم خروجه من القيروان يوماً مشهوداً، خرج وجوه أهل العلم لتشييعه، وأمر زيادة الله أن لا يبقى أحد من رجال الدولة إلا شيعه، فركب أسد، وسار في محفل عظيم من الناس، ولما رأى حملة الأقلام والسيوف يحتفون به من كل جانب، لم يشأ أن تمر هذه الفرصة دون أن ينوه فيها بفضل العلم، وينبه على ما يلقاه العالمون من خير وعزة، فقال:
"لا إله إلا الله وحده لا شريك له، والله يا معشر الناس! ما ولِّي لي أب ولا جد ولاية قط، وما رأى أحد من سلفي مثل هذا قط، وما رأيت ما ترون إلا بالأقلام، فأجهدوا أنفسكم، وأتعبوا أبدانكم في طلب العلم وتدوينه، وكابدوا عليه، واصبروا على شدته؛ فإنكم تنالون به الدنيا والآخرة".
ركب أسد البحر يوم السبت منتصف ربيع الأول سنة ٢١٢، وألقى مراسي السفن على مدينة مأزر بلاد صقلية يوم الثلاثاء، وزحف إليه صاحب صقلية (بلاته) في جيوش عظيمة، والتقى الجمعان، فكانت العاقبة أن فشلت جيوش الروم، وارتدت على أعقابها خاسرة، وبث أسد السرايا في كل ناحية، واستولى على عدة حصون حتى ضرب الحصار على "سركوسة"، وفي أثناء