عنه: أنه قال بعد تلاوة الآية: "أنا ممن يعلم تأويله".
وتمسك أنصار مذهب المفوضة بقراءة الوقف على اسم الجلالة، ثم استئناف القراءة بقوله تعالى:{وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ}[آل عمران: ٧]، والوقف على اسم الجلالة شاهد بأن العلم بالمتشابه مما استأثر الله به، وليس لمخلوق عليه من سبيل.
وحمل بعض أنصار مذهب التأويل قراءة الوقف على أن المراد من المتشابه: ألفاظ استعملت في معان ليس للبشر قابلية لفهمها بالكنه، ويراد إفهامها لهم بوجه مجمل؛ كالنصوص الواردة في بعض أحوال يوم القيامة.
وأما الاستدلال من جهة الآثار، فقد روي أن صَبيغ بن عسيل جاء من البصرة إلى المدينة في زمن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وأخذ يسأل الناس عن متشابه القرآن، وعن أشياء، فأحضره عمر، وضربه ضرباً موجعاً، ثم أرجعه إلى البصرة، وكتب إلى أبي موسى الأشعري أن يمنع الناس من مخالطته. ولو كان المتشابه مما يعلمه الراسخون في العلم، ولا أرسخ في علم الشريعة من الصحابة، لترك صبيغٌ لمن يجيبه عن تأويل ما يسأل عنه من المتشابه.
وقد يجاب عن هذا: بأن صبيغاً لم يكن يسأل عن المتشابه استرشاداً، بل كان يورد المتشابهات تعنتاً، فإنما عاقبه عمر لسوء قصده، ومنعَ الناس من مخالطته حذراً من أن يفتن بأسئلته قلوب العامة.
وأما الاستدلال من جهة حكمة التشريع، فقد قال أصحاب طريقة التأويل: يبعد أن يخاطب الله تعالى عباده بما لا سبيل لأحد من الخلق إلى معرفته.