فرعًا من الفروع، صدر الخطاب بنحو:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}[البقرة: ١٠٤].
أو يقال: إن ذكر المكلفين هنا بوصف الإيمان؛ لمقوية داعيتهم، وإغرائها على العمل بأسلوب لطيف؛ فإن في تسميتهم بالمؤمنين تلويحاً إلى صفة الإيمان بالله من شأنها أن تبعث على حسن الطاعة، والمسارعة إلى امتثال أوامره.
وتعرضنا عقب هذا إلى البحث في لفظة:"كافة"، فقررنا أن ابن هشام ذهب في "مغني اللبيب" إلى أنها من الأسماء التي لا تخرج عن النصب على الحال، وخطأ الزمخشري في قوله بخطبة "المفصل": "محيطاً بكافة الأبواب"، وقد صحح الشهاب في "شرح درة الغواص": أنها لا تلزم النصب على الحالية: ومما استشهد به القائلون بانفصالها على الحالية: قول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -:، قد جعلت لآل بني كاهلة على كافة بيت مال المسلمين لكل عام مئتي مثقال ذهباً إبريزاً".
قال الدماميني: إن صح هذا، سقط القول بملازمتها للنصب على الحالية.
وتعليق الدماميني مفارقة "كافة" للحالية على صحة الأثر مما جرى فيه على سنن التحقيق؛ فإن المحرر في الأصول العالية لعلم العربية: أن الكلمة إذا وردت في محل، ولم يسمع استعمالها في غيره، فإنما تطرد في الموضع الذي سمعت فيه، ولا يقاس عليه غيره من المواضع، ومن هذا تخصيصهم: "فل، ولومان، ونومان" بالنداء، ونحو: "قط، وعوض" يختصان بالظرفية، وبنى على هذا الشيخ ابن الحاجب أن لفظة "كل" إذا أضيفت إلى الضمير، لم تستعمل في كلامهم إلا توكيدًا، أو مبتدأ، فيمتنع