أهل البطالة ما حسبوه عملاً يتناوله اسم القربة، وحشروه في جملة ما استحبه الإسلام، فكان القذى في مقلته النجلاء. ومن هذا القبيل: الرقص، والتصدية، واللهو بآلات الطرب في المساجد.
وبصر بما لهذا المظهر من السلطان على القلوب فريق من الملاحدة، فما لبثوا أن اتخذوه ذريعة إلى تغيير معالم الشريعة، واستدراج الناس إلى هاوية الضلالة، ومن صنيع هؤلاء نشأت مقالة الحلول والاتحاد، ودعوى أن الصوفي يتلقى أحكاماً عن مُنَزِّل الشريعة من غير واسطة، وانسلوا بهذه الدعوى عن كثير من حقائق الإسلام، وألصقوا به من صور الباطل ما لا يليق السكوت عنه، بل يجب محو أثره، وإن كانت اليد التي خطته خرجت وتدلَّت من كُمِّ ناسك متعبد؛ فإن ثوب النسك والعبادة مما يمكن استعارته والمواظبة على الاستتار به أعواماً وأحقاباً.
وقف علماء الدين تجاه هذه الفرق ومن بنى على أساسهم الخرِب في طائفتين:
(طائفة) ثبتت أمامهم، ووضعت أقوالهم وأعمالهم في محك النظر، ووزنتها بميزان الحكمة، ثم ضربت بهذه الضلالات والسخافات في وجه مفتريها ومبتدعيها، لا تخاف لومة لائم، ولا بطشة صائد؛ كما صنع ابن الجوزي، وأبو بكر بن العربي، وابن تيمية، وأبو إسحاق الشاطبي، وغيرهم ممن طعنوا في أصحاب هذه المقالات الزائفة، والدعاوى الباطلة.
(وطائفة) أخذها الجبن عند لقائهم، واسترهبوها بمثل قولهم:"إن الإنكار على أهل الطريق يفضي إلى الموت على سوء الخاتمة"، فكانت تصغي إلى مقالاتهم بأذن هادئة، وتنظر إلى أعمالهم بعين راضية، حتى إذا عرضتَ