عليهم شيئاً من آثارهم، وأريتَها كيف يكدر مورد الشريعة أو ينقض بعض أركانها من أساسه، طفقت تخرج الأقوال عن موضعها اللغوي والعرفي، وتحملها على معان ليست من منطوقها ولا مفهومها، ولا مما تفتح له الاستعارة أو الكناية صدرها، وأخذت تحاول بما يشبه تخبط العشواء في ليل، أو اعتساف المدلج في غير سبيل، أن تدخل بعض الأعمال المنكرة في قالب قاعدة أو قياس شرعي، كما فعل النفر الذين تصدوا للاعتذار عن المقالات الصريحة في نفي حكمة الباري، أو حلوله في مخلوقاته، أو دعوى رؤيته بالعين الباصرة في حال اليقظة، أو نهي المريد عن زيارة غير أستاذه، أو ترك صلاة الجماعة والجمعات أيام الخلوة لرياضة النفس ومجاهدتها.
ولا ننسى أن كثيراً من هذه المقالات المخالفة للمعروفِ من الشريعة وسيرةِ السلف الصالح، قد يعزوها إلى أولي الصلاح بعضُ أشياعهم جهالة، أو بعضُ أعدائهم؛ ليضعوا من شأنهم، ويصدوا عن سبيل هديهم، وربما صدرت عن سليم النية على وجه الخطأ في النظر. وعلى أي حال، فشأننا معها أن نأخذ منها حذرنا، ولا نلاقيها إلا بإنكار، ثم نكل أمر من اصطنعها إلى الجزاء العادل، فإلى الله إيابه، وعليه حسابه.
ومما انجر في أذيال هذه الطرق من الخطر على اتحاد الأمة: أن المتشبثين بطريقة قد يتغالون في التعصب لها إلى أن يقصروا عاطفة محبتهم ومساعدتهم على من تقلدوا عهدها، ويتجافون عمن تمسك بعهد طريقة أخرى، ويقبضون أيديهم عن مرافقته، ومن العامة -كما رأيناه رأي الباصرة- من يباغض الرجل، ويسلكه في حساب أعدائه، ولا يجد لهذه العداوة من باعث سوى أنه لم يكن من شيعته في الطريق، ولا ممن يحرك لسانه بالأذكار الممتازة بها؛ كأن