رؤساءهم لا يذكرونهم بمثل قوله تعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}[الحجرات: ١٠]، وقوله - عليه الصلاة والسلام -: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً"، ومن أولئك الرؤساء من يحبذ ذلك التعصب الضال؛ إذ يرى أنه ليس له سلطان إلا على من نفضوا قلوبهم من كل احترام وتعاطف إلا عليه، أو على من انخرطوا في الطريق التي قام على رأسها.
وأكبر من هذا جريمة: أن في رؤساء الطرق من يعرف الباطل باطلاً، ولا يبالي أن يطاطئ له رأسه، ويؤازره على محاربة الحق، حتى يزيده أهل الباطل بسطة في الجاه، ولا يعترضوه في سبيل يتصيد منه بعض مآرب شخصية. وأهونُ ما تشهده من خضوع هؤلاء: أن يبرز أتباعهم في الاحتفالات العامة كل بالأوضاع التي تلذها أذواقهم، ويمتازون بها عن أصحاب الطرق الأخرى، ثم لا يجرح أفئدتهم ما يسومهم به الناظرون من الازدراء والتهكم. ومن أكبر البلايا أن يسبق إلى بعض الظنون أنها أوضاع شرعية، فلا يكفي ما تجره إلى واضعيها، أو الذين أصبحوا مظهراً لها من المعائب والاحتقار، حتى تمس جانب الشريعة الغراء، وتلصق بالإسلام وصمة تجعل بينه وبين الجاهلين به حجاباً كثيفاً. ولو درينا أن تعرضهم للحط من كرامتهم كان تحت الإكراه الذي يقارنه الوعيد، ويأتي من ورائه العقاب الصارم، لقلنا لهم في وصف الدواء الناجع: اخلعوا أطواق هذه الطرق من أعناقكم، حتى لا تكون سبب إهانتكم، بدل أن تكون من وسائل سعادتكم، ولكنه الهوى، أو ضعف الجأش وارتعاده أمام كل رغبة يلوح إليها القوي الغالب، ولو بأداة عرض أو تحضيض.
كان لمشايخ الطرق قبل هذا العصر فوائد لا يصح إنكارها؛ كاتخاذ