والفرنسيون، ولا بد أن يكون لهذه الأمم أثر تزداد به خروقُ التحريف سعةً على سعتها.
وإذا وجدنا في لهجة الجزائر العربية ألفاظاً من غير لغات الأمم السالفة الذكر، فلا ننسى أن من الواردين على الجزائر طوائف من الأندلس، فمن القريب أن يكونوا قد حملوا إليها ألفاظاً مما دخل في لهجتهم الخاصة. ثم إن البربرية نفسها قد دخل فيها ألفاظ كثيرة من لغات الأمم، التي كانت مجاورة لبلاد البربر؛ كالمصريين الذين كانوا مجاورين لسكان لوبيا الجنوبية، واليونان الذين استولوا على جانب من لوبيا الشمالية، والكنعانيين الذين نزلوا بتونس، وأنشؤوا بها مدينة قرطاجنة.
ويضم إلى هذا: أن تعليم العربية لم يجر في الجزائر على وجه يقاوم هذه الأسباب، ويقف أثرها عند حد، وإذا وجد في العصور الماضية دراسة للغة العربية، ففي مواطن خاصة؛ مثل: الجزائر، أو قسنطينة، أو تلمسان، أو بجاية، أو بسكرة، ثم إن هذه الدراسة خاصة بأفراد لا يبلغ عددهم من الكثرة أن يحدثوا في اللغة الدارجة إصلاحاً، وربما كان من أولئك المجيدين للعربية من يجاري العامة في لهجتهم، وهو يشعر بوجوه تحريفها، ويدري كيف يعيدها إلى أصولها الصحيحة.
وإذا حدثناك عن التحريف الذي يوجد في لهجة الجزائر اليوم، فإنما نحدثك عما يجري في حديث الجمهور، أو الطبقات التي تلقي الكلام على فطرتها، ولا ننكر أن لهجة الطبقة المتعلمة في الجزائر أخذت ترتفع عن اللهجة العامية، وأن عدد هذه الطبقة آخذ في النمو. والسبب في هذا: أن النهضة الاجتماعية العلمية التي ظهرت في الشرق، وكان من أغراضها إصلاح