رئيس القبيلة بعبارات سيئة أدت إلى أن هاجت الحرب مدة بين فرنسا وقبيلة الزعاطشة، ولما تغلبت فرنسا، دخل الحاكم الفرنسي إلى غرفة الشيخ، وضربه بسلاح على عنقه، فقتله.
وقد دخلتُ بلدة الزعاطشة، ووجدت ديارهم خاوية على عروشها، ومنعت فرنسا من بنائها. ولم تسمح للجزائر بحكومة وطنية، والحاكم العام في الجزائر هو الوالي العام الفرنساوي، ويقيم بالعاصمة، وكان الفرنسي يعتبر في الجزائر كملك، والوطني في منزلة دونها بمراحل.
وقلبت بعض المساجد كنائسَ وثكناتٍ لعساكرها، ورأيت بعيني مسجد أحمد باي في قسنطينة جعل كنيسة، ورأيت بعيني أيضاً مسجداً بعنابة جعل ثكنة لعسكرها، وألحقت الأوقافَ كلَّها بأموال الدولة. وقررت فرنسا سنة ١٨٤٨ م أن الجزائر أرض فرنسية.
وقال بعض الفرنسيين: كما صارت أرض الجزائر قطعة من أرض فرنسا يصير الجزائريون فرنسيين، فقال بعض من فيه شيء من الإِنصاف من الفرنسيين: احرصوا أنتم على ألا تكونوا كمسلمي الجزائر، وأما أن يكون الجزائريون كالفرنسيين ديانة، فمستحيل أن يكون.
وألزمت فرنسا مسلمي الجزائر بالخدمة العسكرية، كما ألزمتهم أن يعترفوا بأنهم يقومون بالخدمة العسكرية تطوعاً، وهذا من أسباب مهاجرة عائلات كثيرة من الجزائر إلى الشرق الشامي وغيره.
وكانت الزوايا -أي: الطرق الصوفية- تنشر التعليم الديني؛ من تفسير، وحديث، وفقه، وتوحيد، والعلوم العربية، وقد رأت فرنسا أنها لا تؤلف الجزائريين إلا إذا فتحت لهم محاكم شرعية، فأنشأت المدرسة الثعالبية