للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فهذا ما نطق العرب بالضمير الراجع إليه مفرداً تارة، وجمعاً مرة أخرى، وهذا شأنهم معها فيما إذا أريد منها جنس من يتحقق فيه معنى صلتها.

ومن شواهد عود الضمير عليها مفرداً، وقد أريد منها جماعة: قول بعض شعراء الحماسة:

وإني لمِمَّنْ يَبْسُطُ الكَفَّ بالنّدى ... إذا شَنَجت كفُّ البَخيل وساعدُه

فـ"مَن" هنا مستعملة في جمع، وأعيد عليها الضمير مفرداً.

ومن شواهد عود الضمير عليها جمعاً: قول قبيصة بن النصراني أحد شعراء الحماسة:

أُحدِّث من لاقيتُ يوماً بلاءه ... وهم يحسبون أنني غيرُ صادقِ

فالضمائر العائدة على "مَنْ" المستعملة في جمع تُفرد في حال، وتُجمع في أخرى، وهذا أمر واقع في كلام العرب، غيرُ مختص بضمائر الغيبة في القرآن، بل الواقع أن هذا الحكم لا يختص بـ "من" الموصولة، ولكنه يتعداها إلى أسماء كثيرة يستعملها العرب لتدل على أفراد متعددة، ويعيدون عليها الضمير إن شاؤوا جمعاً، وإن شاؤوا مفرداً، ومثال هذا لفظ "الجمع" نفسه؛ فإنهم يتحدثون عنه حديثهم عن الجموع مرة، كما قال أحد شعراء الحماسة:

وجَمْعُ بني قرّان فاعرض عليهمُ ... فإنْ يقبلوا هاتا التي نحن نؤبسُ

ويجرونه مجرى المفرد أخرى كما قال آخر منهم:

قد صبَّحتْ معنٌ بجمع ذي لَجَبْ ... قيساً وعِبْدَانَهُمُ بالْمُنْتَهَبْ

وجد في اللغة هذا النوع من الكلم الذي يطلق على أفراد متعددة،