وكثيراً ما يكون ارتياح الأمير لبيت واحد سبباً في إغناء الشاعر، ودفع مظلمته.
نقرأ في أخبار ابن شرف: أن أحد عمال المعتصم ناقشه في قرية له، فورد ابن شرف على المعتصم شاكياً هذا العامل، وأنشد بين يديه قصيدة في الغرض، ولما بلغ قوله:
لم يبق للجور في أيامهم أثر ... إلا الذي في عيون الغيد من حَوَرِ
قال له المعتصم: كم في القرية التي تحرث فيها من بيت؟ قال: فيها خمسون بيتاً، فقال له: أسوغك جميعها لهذا البيت الواحد، ثم وقّع له بها، وعزل عنها كل وال.
وكيف ترى ابتهاج أبي عمرو بن العلاء، حين سمع قول بشار:
لم يطل ليلي ولكن لم أنمْ ... ونفى عني الكرى طيفٌ أَلَمْ
روّحي عني قليلاً واعلمي ... أنني يا عبدَ من لحمٍ ودمْ
إن في بُردَيَّ جسماً ناحلاً ... لو توكأتِ عليه لانهدمْ
لا شك أن ابتهاجه لسماعه كان بالغاً ما يمكنه أن يبلغ، ينبئك بهذا أنه سئل عن أبرع الناس بيتاً، فقال: الذي يقول: "لم يطل ليلي"، وأنشد الأبيات الثلاثة.
* العلماء والشعراء:
في العلماء من يلذ استطلاع الحقائق إلى حد أن يستغرق أوقاته في البحث العلمي، ويرغب عن أن يصرف في صناعة الشعر أو تذوّق بلاغته ولو ساعة من شهر.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute