وإذا لم تَجُد قرائحُ شعراء عصر أو بلد بمعان جديدة، ورأيناهم لا يزيدون عن أن يرددوا معاني أسلافهم، فلضعف ملكاتهم الشعرية، وقصورها عن أن تُخرج للناس ثمراً جديداً.
وأما الألفاظ، فحقها أن يراعى فيها ما ثبت عن العرب، وما تقتضيه قوانين الصرف، وما تضعه المجامع العلمية على حسب ما تدعو إليه حاجة التعبير عن المعاني المحدثة.
والألفاظ الجديرة بأن يصاغ منها الشعر هي الألفاظ التي لا يخفى المراد منها على أكثر من يقصد استمالة عواطفهم إلى الشيء، أو صرفها عنه، ولا يكفي لجواز استعمال اللفظ في القصيدة خلوُّه من تنافر الحروف، وموافقته للوضع العربي، ووجوده في كتب اللغة القريبة التناول؛ إذ ليس كل لفظ يتحقق فيه شرط الفصاحة يصلح للشعر، بل وراء الفصاحة شيء آخر هو: مراعاة حال قراء الشعر، فيصاغ لهم في ألفاظ تطرق أسماعهم، فتحضر معانيها في أذهانهم، فلو هُجرت ألفاظ في عصر من العصور، أو قل استعمالها؛ بحيث لا يصل السامع إلى معانيها إلا بعد الرجوع إلى كتاب من كتب اللغة، وشاعت ألفاظ ترادفها؛ بحيث تكون أسرعَ بالمعنى إلى ذهن المخاطب، كان من حق الشاعر اختيار الألفاظ التي يكون بها المعنى أقربَ إلى الذهن، ولاسيما ألفاظ تساوي الألفاظ المهجورة، أو النادرة الاستعمال؛ في خفة النطق، وحسن تأليف حروفها.
فطبيعة الشعر تستدعي التجديد في الألفاظ على النحو الذي وصفنا، فالشاعر المجيد لا يجمد على الألفاظ التي استعملها الشعراء في عصور ماضية، ثم قل دورانها في كلام البلغاء من بعد.
وإذا لم يكتف الشاعر في خدمة اللغو بحفظ مذاهب بلاغتها، وفنون