للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنشد أبو الحسن الأبياري بين يدي الصاحب بن عباد قصيدته التي رثى بها الوزير ابن بقية: علوٌّ في الحياة وفي الممات.

ولما أنشد قوله منها:

ولم أر قبلَ جذعِك قطُّ جذعاً ... تمكن من عناق المكرمات

قام إليه الصاحب، وعانقه، وقبَّل فاه.

ولما اطلع العلامة ابن الدقيق على قصيدة ابن خميس التي يقول في طالعها:

عجباً لها أيذوق طعم وصالها ... من ليس يأمل أن يمر ببالها

استوى قائماً من فرط إعجابه بها.

وسمع ابن جني قول المتنبي:

لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى ... حتى يراق على جوانبه الدم

فقال: لو لم يقل المتنبي غير هذا البيت، لتقدم به أكثر المحَدثين.

ودخل الشاعر المدعو ابن جاخ على المعتضد بن عباد، وأنشد بين يديه قصيدته التي يقول في طالعها:

قطّعتَ يا يوم النوى أكبادي ... ونفيت عن عيني لذيذ رقادي

فلما انتهى من إنشادها، قال له المعتضد: اجلس، فقد وليتك رئاسة الشعر، ولم يأذن في الكلام لأحد من بعده.

والشعر البارع بصياغة الألفاظ وتصوير المعاني: هو الذي يقصد كبار الشعراء إلى موازنته؛ كقصيدة أبي الحسن علي الحصري:

يا ليلُ الصبُّ متى غدُه ... أقيام الساعة موعده