على قول الإِمام، وهو إذاً في شرعهم محرم عليهم إن هذا عبارة أو في مما بنيت عليه؛ لأن قصارى ما يقتضيه التبديل التوقف في أفعالهم لا الحكم عليها بأنها محرمة، وسيأتيك أن اقتضاء التبديل للتوقف غير كاف في الرد، ثم نلتفت إلى قول "ابن ناجي""وليس كذلك" فنقول له: "كلا بل إن ذلك كان كذلك"، وقد كشف الغشاوة عن ذلك الوقوع صاحب "إظهار الحق" و"الشيخ الألوسي" في "تفسيره".
هذا وممن رام إماطة مدرك هاته الفتوى عن طريق الاعتماد "أبو عبد الله الرهوني"، ففوَّق لها من كنانته سهمين، ولكنهما لم ينبعثا لها على خط مستقيم، ويكاد أولهما يتحد بما رماها به الشيخان، ونصه بعد نقل الفتوى وتأييدها قوله:"إنه يقبل قول أحبارهم ورهبانهم أنَّ ذلك حلال عندهم ويصدقون فيه"، إذ كيف يقبل قولهم بعد إخبار الله تعالى عنهم بأنهم حرّفوا وبدلوا حسبما أفصحت بذلك الآيات القرآنية والأحاديث المتواترة النبوية، وقد ثبت في أصح الصحيح كذبهم بحضرة النبي - صلى الله عليه وسلم - غير ما مرة، وتوقعهم تكذيب الله إياهم بإعلامه نبيه بذلك، فلم يخشوا الفضيحة مع وقوع تكذيبهم ثم يعترفون، فكيف بغير النبي - صلى الله عليه وسلم -, وفي أصح الصحيح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"لا تُصَدِقوا أَهْلَ الكِتَابِ ولا تُكَذِبوهمْ" الحديث، فتصديقهم فيما ذكر مخالف للأدلة والقواعد، الثاني على تسليم تصديقهم تسليماً جدلياً فلا وجه لتصديقهم في أن المنخنقة والمسلولة العنق حلال عندهم، وعدم تصديقهم في أن الميتة والخنزير حلال عندهم، وما فُرق به من أن الله كذبهم في حليتها فليس في الآيات ولا في الأحاديث شيء من ذلك، وإن عني أن الله كذَّبهم بقوله:{حُرِّمَتْ}[المائدة: ٣] الآية، فهذه مصادرة لأن الله كذَّبهم فيما زعم أنهم