مصدقون فيه لأنها منخنقة أو موقودة، وقد ذكر الله حرمة كل منهما في الآية نفسها، وقد قال "ابن العربي، نفسه في "الأحكام": "والمنخنقة هي التي تخنق بحبل قصداً أو بغير قصد أو بغير حبل".
فأما أن يحمل "ابن العربي" قوله تعال: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ}[المائدة: ٥] على ظاهره فيدخل فيه الميتة والخنزير وما ذكر معهما، وإما أن يقصر على غير ذلك كله، وقصره على بعض دون بعض عمل باليد ودعوى لا دليل عليها، ولعلك لم تزل متذكراً ما فاتحك به الاستدراك في قولنا: "ولكنهما لم ينبعث إلخ"، فنقول: "يمكن رد الوجه الأول بأن وقوع التبديل والتحريف لا يقضي بتكذيبهم في غير ما لم يكذبهم فيه الوحي، كما هو صريح قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُصَدِقوا أَهْلَ الكِتَابِ ولا تُكَذِبُوهمْ" وعليه فنتوقف في تناول ما ذكي بغير ذكاتنا، إلا أن الشارع لما أباح طعامهم مطلقاً بشبهة ما معهم من الكتاب وهو أعلم بما يفعلون، اندرج فيه ذلك فيكون هذا العموم متضمناً لتصديقهم في حلية ما يأكلونه فيباح لنا، إلا ما نص على تحريمه علينا بالخصوص كالخنزير والميتة".
ويرد قوله في الوجه الثاني "ولا وجه لتصديقهم في أن المنخنقة والموقوذة حلال عندهم وعدم تصديقهم في أن الميتة والخنزير حلال عندهم" بأن "ابن العربي" صرَّح بأنهم مصدّقون بأن الميتة والخنزير حلال عندهم أيضاً، حيث قال: "كالخنزير والميتة فإنه حلال لهم ومن طعامهم"، وقوله: "وما فُرِّق به من أن الله كذَّبهم في حليتها فليس في الأحاديث ولا في الآيات شيء من ذلك" مردود بأنه لم يعن بما كذَّبهم الله فيه الميتة والخنزير، إذ هو خلاف قوله: "كالميتة والخنزير فإنه حلال لهم"، بل أراد بذلك الربا ونحوه، كاليهودي