قصد الإضرار بعدو من طريق شهادة الزور. وإذا كان الوهن في العدالة هو الغالب في الناس، صحّ أن تناط به الأحكام، ويبنى عليه عدم قبول شهادة من اشتدت قرابته، أو اتضحت عداوته، إلا أن يكون بالغاً في العدالة الدرجة العليا. وقد رأينا فيما عرفناه وصاحبناه من أهل النبل والتقوى من لو شهد لابنه أو أخيه، أو شهد على من يناصبه العداوة، لم يخالجنا ريب في صدقه، ولم نتردد في قبول شهادته.
شروطها الخاصة:
وأما الشروط الخاصة، فهي: الإسلام، والذكورة، والعدد، وتقدم الدعوى (١)، وكانت شرطاً لها خاصة؛ لأنها ليست شروطاً في جميع الشهادات؛ كما يظهر أمرها من بعض الفصول الآتية.
- تزكية الشهود:
قال الإمام أبو حنيفة: كل من أظهر الإسلام حُكم له بالعدالة، وقبلت شهادته حتى يظهر فسقه، فيقتصر الحاكم على ظاهر العدالة في المسلم، ولا يسأل عن الشهودة إذ الظاهر: أن المسلم ينزجر عما هو محرّم في دينه، وفي الظاهر كفاية، فإن طعن الخصم في الشهود، أو كانت الشهادة على الحدود، أو القصاص، لم يكتف بظاهر العدالة، ولا بد من السؤال عن الشهود وتزكيتهم.
وقال أبو يوسف ومحمد: لا بدّ من السؤال عن الشهود في السر والعلانية في جميع الحقوق، وهو مذهب الإمامين: الشافعي، وأحمد بن حنبل؛ نظراً
(١) شرط في الشهادة على حقوق العباد كما تقدم، لا في حقوق الله.