للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى أن الغالب في الناس عدم العدالة، وفصَّل الإمام مالك، فقال: من جهل الحاكم أمره، ولم يعرفه بعدالة أو فسق، فلا بد من تزكيته، فإن كان الشاهد معروف العدالة عند القاضي؛ بحيث يزكيه عند غيره لو لم يكن قاضياً، يقبل شهادته بدون تزكية.

شهادة الرجال:

يشترط لصحة الشهادة على الزنا أربعة رجال؛ لقوله تعالى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} [النساء: ١٥]، وقد انعقد الإجماع على اشتراط الذكورة في هذه الشهادة، وكون الشهود أربعة. وإنما تضم شهادتهم إذا اتفقوا على موضع الزنا، ووقت رؤيته، وصفته؛ فإن اختلفوا في الموضع، أو الوقت، أو الصفة، بطلت شهادتهم؛ قال في "إعلام الموقعين": إنما أمر الله سبحانه بالعدد في شهود الزنا؛ لأنه مأمور فيه بالستر، ولذا غلظ فيه النصاب، فإنه ليس هناك حق يضيع، وإنما هو حدّ وعقوبة، والعقوبات تدرأ بالشبهات، ويقبل فيما عدا ذلك من المعاملات وسائر الحدود شهادة رجلين.

طائفة من قضاة:

وحكى ابن القيّم عن بعض السلف: أنهم أجازوا وقضوا بشهادة رجل واحد، وقال: فإذا علم الحكم صدق الشاهد الواحد، فإن له الحكم بشهادته، وإن رأى تقويته باليمين، فعل. وقال: يجوز للحاكم الحكم بشهادة الرجل الواحد إذا عرف صدقه في غير الحدود (١).


(١) "الطرق الحكمية" (ص ٦٦، وص ٧٥).