للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصفايحي برسالة التهنئة، ومما يقول له ضمنها: "أنا على يقين من براءتكم وإخلاصكم، ولم يدخل علينا شك في ذلك".

وفي هذه السنة ١٣٣٥ هـ كان يلقي دروساً دينية وأدبية بالمدرسة العثمانية، والتمس منه جماعة من أهل العلم قراءة كتب منها "صحيح الإمام مسلم"، و"بداية المجتهد"، و"المستصفى" للغزالي، و"المغني" لابن هشام، و"الكامل" للمبرد، فأجاب طلبهم، وشرع في دراستها بجامع باب سريجة، وواظب على قراءتها أشهراً إلى أن اقتضى الحال سفره إلى الآستانة سنة ١٣٣٦ هـ، فسافر على طريق حلب، ثم أَدَنَةَ، ثم قونية، ثم أسكيشهر، ونزل في الآستانة ضيفاً مكرماً ببيت الأستاذ المرحوم الشيخ إسماعيل الصفايحي، وعيّن يومئذ كاتباً بالقلم العربي في بعض أقسام وزارة الحربية. كما عينته المشيخة الإسلامية واعظاً بجامع (الفاتح) في شهر رمضان مكان الأستاذ الشيخ إسماعيل الصفايحي حيث تنازل له عن هذه الوظيفة. ومن حسن تواضع ذلك الأستاذ الشيخ العظيم: أن حضر بنفسه في أول درس ألقاه صاحب الترجمة، وكان جالساً بجانبه داخل حلقة الدرس.

ومما جرت إليه المناسبة في الدرس: أن صاحب الترجمة قرّر ما قاله ابن حزم في قصة داود - عليه السلام - من الأخذ فيها بظاهر القرآن، وأن قوله تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ} [ص: ٢١]، وارد في رجلين حقيقيين، لا كما يقوله بعض المفسرين من أنهما ملكان أتياه في سورة رجلين. فأورد أحد الحاضرين من الأتراك: أن هذا الوجه لا يصحّ معه قوله تعالى: {وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} [ص: ٢٤]؛ فإن هذه الآية تدل على صحة ما يقوله المفسرون من أنهما ملكان أرسلهما الله لتنبيهه وعتابه على