ينادي بوجوب الإصلاح الاجتماعي، وحاول أن تكون في خطواتها الأولى كمجلة "المنار" بمصر، فكانت تشتمل على بحوث في التفسير والحديث، وإصلاح المجتمع الإسلامي، يقوم على تحريرها نخبة من شيوخه وزملائه، وكان الأمل أن تستمر على الظهور والصدور، لكنها لم تقو على ذلك؛ لأنها كانت سابقة عن أوانها، فاضطر الشيخ إلى إيقاف إصدارها.
* إبعاده عن تونس:
لم يقف الشيخ بعد احتجاب مجلته مكتوف اليدين، بل أخذ يقوم بإلقاء دروس وعظية، ويعقد الاجتماعات الخاصة لإرشاد الشعب إلى طرق الصلاح والسداد، وبينما هو في تلك الحال، إذ سلطت عليه الحكومة بعض قرابته، فحبَّب إليه قبول خطبة قضاء مدينة "بنزرت"، وكان ذلك في سنة ١٣٢٣ هـ مع إسناد خطّة الإمامة والخطابة بجامعها الكبير، فقبل ما عرض عليه عساه يتخذ مما ذكر وسيلة لإبلاع رسالته إلى المجتمع، ومباشرة الحكم بالعدل بين الرعية، وإنقاذ السكان من ظلم القضاة المرتشين، حتى يكون قدوة لغيره من قضاة العدل.
فارق الشيخ مدينة تونس، وانتصب في مدينة "بنزرت"، ووضع برنامجاً إعلامياً ذا ثبتين: الأولى قضائية، يطبق فيها قواعد الشرع الإسلامي كما هي فيما يعرض أمامه من القضايا الاستدقاقية والشخصية، والثانية اجتماعية، وهي معالجة أمراض المجتمع الإسلامي على طريق الخطيب المنبرية كل يوم جمعة، يرشد الناس فيها إلى أمور دينهم ودنياهم. ولما شرع في تطبيق برنامجه الإصلاحي، بدأت الدسائس تحوم حوله، وأخذ المرجفون يتقولون عنه الأقاويل، فحمله ذلك على المبادرة بتقديم استقالته مما هو مسند إليه من