المدرسة الثانوية الوحيدة بتونس يومئذ، وفي العام التالي تطوع للتدريس بجامع الزيتونة، ثم أحيلت إليه مهمة تنظيم خزائن الكتب الخاصة بهذه الجامعة العريقة، وتمَّ تعيينه رسمياً مدرساً بها.
وفي أثناء ذلك يقوم بالخطابة في المنتديات الثقافية، داعياً إلى إحياء قيَم الحرية والتحرُّر، وبثِّ روح العروبة في النفوس، والعناية بالنشء وتعلميه.
* رحلاته إلى العالم الإسلامي:
ولما قامت الحرب الإيطالية الطرابلسية سنة (١٣٢٩ هـ = ١٩١١ م)، وزحفت الجيوش الغازية، واحتلت طرابلس، وبني غازي، وقف الخضر بقلمه من مغتصبيه، وأشعلت مقالات الشيخ الحماس في النفوس، ونبَّهت الغافلين من الأمة، وشعر المستعمر الفرنسي بخطورة ما يقوم به الشيخ المجاهد، فاتَّهمه ببثِّ روح العداء للغرب، وبدأ يضيّق عليه، واضطرَّ الشيخ إلى مغادرة تونس إلى الآستانة سنة (١٣٣٠ هـ = ١٩١٢ م)، وعُيِّن مدرساً للتربية في المدرسة "السلطانية" وتعمَّدت رحلاته بين دمشق والآستانة وبرلين؛ في سبيل خدمة قضايا العالم الإسلامي، والاتصال بزعماء الحركات الإسلامية، إلى أن عاد مرة أخرى إلى عمله في المدرسة السلطانية سنة (١٣٣٥ هـ = ١٩١٧ م)، وشرح لطلابه كتاب "مغني اللبيب" لابن هشام.
* الاستقرار في القاهرة:
ولما وقعت سورية في قبضة الاحتلال الفرنسي سنة (١٣٣٨ هـ = ١٩٢٠ م)، غادر الشيخ "الخضر حسين" دمشق، وقصد القاهرة، وما كاد ينزل حي الحسين غريباً لا يعرف أحداً، ومهاجراً في سبيل الله بقلمه المجاهد الشجاع، حتى وُفِّق للعمل بدار الكتب المصرية بأجرٍ زهيد لا يتفق ومنزلته الكبيرة، ثم توثَّقت