الذي يدل عليه اللفظ العربي من نحو: الأحكام، والقصص، والمعجزات، وإنما يقولون: إنهم يستفيدون من وراء تلك المعاني، وعلى طريق الاعتبار معانيَ فيها موعظة وذكرى.
وعلى ما بين مذهبهم ومذهب الباطنية من فرق واضح، نرى في أهل العلم من نازعهم في إلصاق تلك المعاني بألفاظ القرآن، وقال: إن ما جاء في صريح القرآن والسنَّة من مواعظ وحكم يغني عن ارتكاب هذه الطرق البعيدة، التي هي - في الأصل - نزعةُ قوم شأنهُم الصدُّ عن هدى الله، وتعطيلُ أحكام شريعته الغراء.
وأنكر ذلك المؤولُ أن يكون عيسى - عليه السلام - قد تكلم في المهد، فسام قولَه تعالى:{وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ}[آل عمران: ٤٦] سوءَ التأويل، فقال:"في دور المهد، وهو دور الصبا، علامةٌ على الجرأة، وقوةِ الاستعداد في الصغر"، يريد: أنه يكلمهم في سن اعتيد فيها الكلام.
جاء في "الجامع الصحيح" للإمام البخاري ما يدل على أن عيسى - عليه السلام - تكلم قبل أوان الكلام، تجد هذا في حديث:"لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة"، وذكر في أولهم عيسى - عليه السلام -.
وروى ابن جرير الطبري بسنده إلى ابن عباس - رضي الله عنه -: أنه قال في تفسير المهد: "مضجع الصبي في رضاعه".
والمهد في الأصل: مصدر مَهَدَ؛ أي: بسط ووطَّأ، وهو كما في "لسان العرب": اسم لموضع الصبي الذي يُهيأ له ويوطأ لينام فيه، فكان على المؤول إذ فسره بدور التمهيد للحياة أن يقيم على هذا شاهداً من كلام العرب، ويبدي الوجه الذي دعاه إلى الإعراض عن حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإلا،