من الطلبة محمولة على حسابه، ونظرَتْه أعين المسؤولين شزراً عندما أعلن طلبة الزيتونة الإضراب عن الدروس سنة (١٣٢٨ هـ - ١٩١٥ م) باعتبار كونه المسؤول عن ذلك التحرر.
وبدأت مظاهر النقمة تنتابه، فناله في المناظرات التي شارك فيها للإحراز على منصب التدريس من الطبقة الأولى، اضطهاداتٌ أبعدته اصطناعاً عن الفوز في المناظرة، على ما أبدى من الكفاءة والتفوق، فزادت بتلك الاضطهادات منزلته ارتفاعاً، حتى أصبحت تلك الأحداث مادة للون من التفكير، وغذاء لصنف من الأدب لم تزل آثارهما حية إلى اليوم.
وأحسَّ المترجَم بتضايق عظيم يرتفع على نسبة ما يرتفع إقبال أنصاره عليه، ومفاداتهم في تعظيمه وإكباره، فترتفع بذلك نقمة أضداده، وتكالبُهم على أذاه والوقيعة فيه.
فدفع به ذلك التضايقُ إلى أن يطلب مجالاً لحياته الفكرية والعلمية خارج البلاد التونسية، لا سيما وهو من أنصار الجامعة الإسلامية الكبرى الذين يؤمنون بخدم الملة الإسلامية خدمة لا تضيق بها حدود الأوطان.
فسافر أولاً إلى مصر، وسورية، وتركيا سنة (١٣٣٠ هـ - ١٩١٢ م)، وكتب عن ذلك رحلة بديعة نشرت تباعاً في جريدة "الزهرة" طافحة باعتباراته وأفكاره، ومقابساته ومساجلاته، ومقاطيع من شعره.
ثم عاد إلى الرحلة في العام الموالي، فكانت رحلته التي لم يقدر للبلاد التونسية أن تفوز به بعدها.
وقصد في رحلته سورية، وانتصب للتدريس بدمشق، وتخرجت عليه هنالك نخبة رجال العلم والفكر والأدب، الذين لم تزل ذكراه بينهم جليلة