للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مرعية إلى اليوم، وسافر من سورية إلى تركيا وألمانيا وبلاد البلقان، ثم عاد إلى سورية، فلم يستقر بها حتى فارقها، واستقر نهائياً بمصر.

ونشر من كتبه ومقالاته، وألقى من دروسه ومحاضراته في الأقطار التي تنقل بينها، ما رسخت به سمعته العلمية؛ فاعتبر قطباً من أقطاب العلم في البلاد الإسلامية مشاع الانتساب إلى دار الإسلام كلها.

وأسّس بمصر (جمعية الهداية الإسلامية)، وأشرف على إصدار مجلتها الراقية، وتولى التدريس بالجامعة الأزهرية، ثم دخل في هيئة كبار العلماء، وانتخب في عهد حكومة الثورة شيخاً للأزهر الشريف سنة (٧٣ - ٥٢)، فبلغ بذلك قمة المجد العلمي في عناوينه الرسمية.

وقد كان قبل ذلك من الأعضاء الأولين في المجمع العلمي العربي بدمشق، ومن الأعضاء الذين تأسس بهم مجمع اللغة العربية في مصر، وكان في كلٍّ من المجمعين ركناً من أركان العلم والعمل؛ بحيث إن معهده الأصلي، وهو جامع الزيتونة، والبلاد التي نشأ بها، وهي البلاد التونسية، يعتدان بذكر طيب، وفخر موثَّلٍ فازا به في أقطار الإسلام والعروبة، ما كان لذلك القطر ولا لذلك المعهد أن ينالاه، لو لم ينجبا هذا العبقري اللامع الذي رفع لهما الفخار في الخالدين.

* سنوات مع الشيخ الخضر (١):

من الإنصاف أن أقرر -بادئ ذي بدء-: المرحوم الشيخ محمد الخضر حسين علم من أعلام الفكر الديني الأفذاذ الذين أضافوا إلى صفحاته المشرقة


(١) مجلة "الهلال"، القاهرة، السنة الثالثة والتسعون، (٢٩ جمادى الآخرة ١٤٠٤ هـ أول أفريل ١٩٨٤ م).